(فلم يعتكف) أي: النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأخير من (رمضان) إنكارًا عليهن (واعتكف) بدله (عشرًا من) أول (شوال).
قال النووي: قوله: "آلبر تردن؟ ! " كذا بالمد على الاستفهام الإنكاري، والبر بالنصب على أنه مفعول مقدم لتردن، قال القاضي عياض: قال صلى الله عليه وسلم هذا الكلام: "آلبر تردن؟ ! " إنكارًا لفعلهن.
وقال القرطبي: ويحتمل أن يكون إنكاره لأوجه؛ منها: أن يكون خاف أن يكون الحامل لهن على الاعتكاف غيرتهن عليه وحرصهن على القرب منه والمباهاة به، ومنها: أن يكون كره لهن ملازمتهن المسجد مع الرجال، أو يكن ضيقن المسجد على الناس بأخبيتهن، أو يؤدي مكثهن في المسجد إلى أن يطلع عليهن المنافقون؛ لكثرة خروجهن لحاجتهن، أو يؤدي ذلك إلى أن تنكشف منهن عورة، أو يؤدي ذلك إلى تضييع حقوق النبي صلى الله عليه وسلم وحوائجه في بيوتهن، وكل هذه الاحتمالات مناسبة، وبعضها أقرب من بعض، ولا يبعد أن يكون مجموعها هو المراعى عنده، أو شيء آخر لم يُطَّلع عليه، والله أعلم. انتهى من "المفهم".
قال السندي: قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف .. صلى الصبح ... ) إلى آخره، ظاهره: أن المعتكف يشرع في الاعتكاف بعد صلاة الصبح، ومذهب الجمهورْ أنه يشرع من ليلة الحادي والعشرين، وقد أخذ بظاهر هذا الحديث قوم؛ لأنهم حملوه على أنه يشرع من صبح الحادي والعشرين، فرد عليه الجمهور بأن المعلوم أنه كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر ويحث الصحابة عليه، وعدد العشر عدد الليالي، فتدخل فيه الليلة الأولى، وإلا .. فلا يتم هذا العدد أصلًا، وأيضًا من أعظم ما يطلب