إليه أبو حنيفة وبعض السلف؛ من أن الحب تخرج الزكاة من قليله وكثيره، والحديثان حجة عليهم، وقال داوود: كل ما يدخله الكيل .. فتراعى فيه الخمسة الأوسق، وما عداه مما لا يوسق .. ففي قليله وكثيره الزكاة.
قال القاضي عياض: وأجمعوا على أن في عشرين دينارًا الزكاة، ولا تجب في أقل منها، إلا ما روي عن الحسن والزهري مما لم يتابعا عليه أن لا صدقة في أقل من أربعين دينارًا، والأشهر منهما ما روي عن الجماعة وروي عن بعض السلف أن الذهب إذا كانت قيمته مئتي درهم .. فيه الزكاة، فإن نقصت عن ذلك .. فلا شيء فيه، واتفقوا على أن ما زاد من الحب على خمسة أوسق .. أن الزكاة في قليله وكثيره، ولا وقص فيه، واتفقوا على أن الأوقاص في المواشي.
واختلفوا في الذهب والفضة: فذهب مالك وبعض السلف والجمهور إلى أن لا وقص فيهما، وذهب أبو حنيفة وبعض الجماعة إلى أنه لا شيء فيما زاد على المئتي درهم حتى تبلغ أربعين، ولا العشرين دينارًا حتى تبلغ أربعة دنانير، فإذا زادت على ذلك .. ففي كل أربعين درهمًا درهم، وفي كل أربعة دنانير درهم، ومعتمدهم في هذا حديث ضعيف لا أصل له، ومالك وجمهور علماء الأمصار يرون ضم الذهب والفضة على اختلاف بينهم؛ فمالك وجماعة يراعون الوزن والضم على الأجزاء لا على القيم، وينزلون كل دينار منزلة عشرة دراهم على الصرف القديم، وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري يرون ضمها على القيمة في وقت الزكاة، وقال الشافعي وداوود وأبو ثور وأحمد: لا يضم منهما شيء إلى شيء، ويراعى نصاب كل واحد منهما بنفسه، وذهب آخرون، إلى أنه إنما يضم إذا كمل من أحدهما نصاب فيضم الآخر، ويزكى الجميع. انتهى من "المفهم".