(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحل الصدقة لغني) أي: لا يحل له أن يتملكها؛ لقوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} وليس المراد: لا يحل له أن يأخذها؛ إذ الكلام الآتي ليس في الأخذ فقط، بل في التملك مطلقًا (إلا لخمسة) فتحل لهم وهم أغنياء؛ لأنهم أخذوها بوصف آخر، فتحل (لعامل عليها) أي: على الصدقة؛ من نحو: حاشر وحاسب وكاتب؛ لقوله تعالى:{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} وبينت السنة أن شرطه ألا يكون هاشميًا، قيل: ولا مطلبيًا (أو لغاز في سبيل الله) لإعلاء كلمته؛ لقوله تعالى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: لمجاهد ولو كان غنيًا أو لحج، واختاره محمَّد بن الحسن من الحنفية (أو لـ) رجل (غني اشتراها) أي: الصدقة من المستحقين لها (بماله، أو) حصلت له من (فقير تصدق عليه) بالبناء للمجهول (فأهداها) أي: فأهدى ذلك الفقير تلك الصدقة التي تصدق عليه (لغني أو) لـ (غارم) لم يبق عنده بعد قضاء الدين قدر النصاب. انتهى "سندي".
وذلك مثل من استدان؛ ليصلح بين طائفتين في دية أو دين تسكينًا للفتنة وإن كان غنيًا، قال تعالى:{وَالْغَارِمِينَ}(١) بشروط مبسوطة في الفروع.
قوله:"فأهداها لغني" فتحل لذلك الغني؛ لأنَّ الصدقة قد بلغت محلها فيه، فالمدار على إهداء الصدقة التي ملكها الفقير أو المسكين، سواء أهداها لجار أو غيره، وفي حديث إهداء بريرة ما تصدق به عليها إلى عائشة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هو عليها صدقة، وهو منها لنا هدية". رواه الشيخان