للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ - وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ -. . إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَل، وَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ".

===

(ما تصدق أحد) منكم (بصدقة من طيب) أي: من حلال؛ لأنه هو الطيب طبعًا (ولا يقبل الله) سبحانه في الصدقة (إلا الطيب) أي: إلا الحلال. . (إلا أخذها) أي: تقبل تلك الصدقة (الرحمن بيمينه) المقدسة (وإن كانت) تلك الصدقة (تمرةً) أي: شيئًا حقيرًا (فتربو) أي: تزيد وتكبر (في كف الرحمن) أي: كله المقدسة (تبارك) أي: تزايد خيره وإحسانه لعباده (وتعالى) أي: ترفع عما لا يليق به (حتى تكون) تلك الصدقة الحقيرة في كف الرحمن (أعظم) أي: أكبر (من الجبل) العظيم (ويربيها) من التربية؛ أي: يكبرها الرحمن (له كما يربي أحدكم فلوه) أي: ولد فرسه (أو) قال: (فصيله) أي: ولد ناقته.

قوله: "ولا يقبل الله إلا الطيب" أي: الحلال. . جملة معترضة؛ لاعتراضها بين الشرط والجزاء؛ لغرض التأكيد، وفيه إشارة: إلى أن غير الحلال لا يقبل، وأن الحلال المكتسب يقع بمحل عظيم، قال القرطبي: وإنما لا يقبل الله الصدقة من الحرام؛ لأنه غير مملوك للمتصدق، وهو ممنوع من التصرف فيه، والتصدق به تصرف فيه، فلو قبلت منه. . لزم أن يكون الشيء الواحد مأمورًا به منهيًا عنه من وجه واحد، وهو محال، ولأن أكل الحرام يفسد القلوب، فتُحْرَمُ الرقةَ والإخلاصَ، فلا تُقبل الأعمالُ منه.

وفي الحديث إشارة: إلى أنَّه إنما لم يقبل؛ لأنه ليس بطيب، فانتفت المناسبة بينه وبين الطيب بذاته (إلا أخذها) أي: أخذ تلك الصدقة الطيبة (الرحمن) أخذًا يليق به (بيمينه) المقدسة، وأخذها باليمين يدلّ على حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>