ممكن، وعدم التكليف بغير المستطاع (ومن لَمْ يستطع) منكم الباءة؛ أي: ومن لَمْ يجد منكم ما يتزوج به من مؤن النِّكَاح .. (فعليه بالصوم) أي: فليلزم الصوم، قال عياض: ليس فيه إغراء الغائب، جل الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولًا بقوله: "من استطاع منكم"، فالهاء في قوله: "فعليه" ليست لغائب، وإنما هي للحاضر المبهم؛ إذ لا يصح خطابه، ونظير هذا قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إلى أن قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}(١) ومثله لو قلت لاثنين: من قام منكما .. فله درهم، فالهاء للمبهم من المخاطبين لا لغائب. انتهى ملخصًا.
(فإنه) أي: الصوم (له) أي: للعاجز عن الباءة (وجاءٌ) بوزن كتاب؛ أي: خصاءٌ؛ لما فيه من الجوع، وقلة الأكل مما يزيد في الشهوة وطغيان الماء؛ أي: كالوجاء له، ففي الكلام تشبيه بليغ، والوجاء: مصدر وجأ يوجأ؛ من باب نفع؛ وهو رض عروق البيضتين حتى تنفضخا من غير إخراج، يقال: كبش موجوء؛ إذا رضت منه عروق البيضتين؛ كما في "المصباح".
قال أبو عبيد: الوجاء، بكسر الواو: رض الأنثيين؛ والمعنى: أن الصوم يقطع شهوة النِّكَاح؛ كما يقطعها الوجاء، يقال: وجئ الفحل وجاء؛ إذا رضت خصيتاه، وقال غيره: الوجاء: أن توجأ العروق والخصيتان قائمتان على حالهما، والخصاء: شق الخصيتين واستئصالهما؛ أي: إلقاؤهما، والجب: أن تحمى الشفرة، ثم يستأصل بها الخصيتان.
قال الخطابي: وفي الحديث: جواز معالجة الشهوة بالأدوية، ودليل على أن مقصود النِّكَاح: الوطء.