حقيقة الاختصاء؛ لأنه حرام، وقيل: بل هو على ظاهره، وكان ذلك قبل النهي عن الاختصاء، ويؤيده توارد استئذان جماعة من الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ كأبي هريرة وابن مسعود وغيرهما، وإنما كان التعبير بالاختصاء أبلغ من التعبير بالتبتل؛ لأن وجود الالة يقتضي استمرار وجود الشهوة، ووجود الشهوة ينافي المراد من التبتل، فيتعين الخصاء طريقًا إلى تحصيل المطلوب.
وغايته: أن فيه ألمًا عظيمًا في العاجل يغتفر في جنب ما يندفع به في الآجل، فهو كقطع الإصبع إذا وقعت في اليد الآكلة؛ صيانةً لبقية اليد، وليس الهلاك بالخصاء محققًا، بل هو نادر ويشهد له كثرة وجوده في البهائم مع بقائها، وعلى هذا؛ فالحكمة في منعهم من الاختصاء: إرادة تكثير النسل؛ ليستمر جهاد الكفار، وإلا لو أذن في ذلك .. لأوشك تواردهم عليه، فينقطع النسل، فيقل المسلمون بانقطاعه، ويكثر الكفار، فهو خلاف المقصود من البعثة المحمدية، كذا في "الفتح" انتهى من "الكوكب".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النِّكَاح، باب ما يكره من التبتل والخصاء، ومسلم في كتاب النِّكَاح، باب استحباب النِّكَاح، والترمذي في كتاب النِّكَاح، باب ما جاء في النهي عن التبتل، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب النِّكَاح، باب في النهي عن التبتل، والدارمي في كتاب النِّكَاح، باب النهي عن التبتل عن سعد بن أبي وقاص.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.