للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا.

===

تَبْتِيلًا} (١)، فبينهما معارضة، ووجه الجمع: أن المنهي عنه غير المأمور به، فلا تعارض؛ فالمنهي عنه: ترك النساء وما انضم إليه من الغلو في الدين مما هو داخل في جنب التنطع، والمأمور به: هو ملازمة العبادة والإكثار من قيام الليل وترتيل القرآن، ولم يقصد به ترك النساء؛ فقد كان النِّكَاح موجودًا مع ذلك. انتهى "فتح الملهم".

قال الراوي؛ أعني: سعدًا: (ولو أذن) النبي صلى الله عليه وسلم (له) أي: لعثمان بن مظعون في التبتل ... (لاختصينا) أي: لجعل كلّ منا نفسه خصيًا؛ كيلا يحتاج إلى النساء، وهو مأخوذ من الخصاء؛ وهو الشق على الأنثيين وانتزاع بيضتهما.

قال النووي: قالوا ذلك ظنًا منهم جواز الاختصاء، ولم يكن هذا الظن موافقًا للصواب؛ فإن الاختصاء في الآدمي حرام، صغيرًا أو كبيرًا، وكذلك يحرم خصاء كلّ حيوان لا يؤكل لحمه؛ كالبغل والحمار، وأما المأكول؛ كالتيس والثور .. فيجوز خصاؤه في حغره؛ لغرض تطييب اللحم، ويحرم في كبره. انتهى "مرقاة"، قال السندي في "حواشي النسائي وابن ماجة": الأحسن حمل ظنهم على أحسن الظنون، فمرادهم بالاختصاء: قطع الشهوة بمعالجة، أو التبتل والانقطاع إلى الله تعالى بترك النساء؛ والمعنى: أي: لفعلنا فعل المختصي في ترك النِّكَاح والانقطاع عنه؛ اشتغالًا بالعبادة.

قال الطيبي: قوله: (ولو أذن له .. لاختصينا) كان الظاهر أن يقال: (ولو أذن له .. لتبتلنا) لكنه عدل عن هذا الظاهر إلى قوله: (لاختصينا) لإرادة المبالغة؛ أي: لبالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الأمر إلى الاختصاء، ولم يرد به


(١) سورة المزمل: (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>