للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛

===

(عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند أيضًا من خماسياته؛ رجاله اثنان منهم مدنيان، واثنان كوفيان، وواحد جرجرائي، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه راويًا مختلفًا فيه؛ وهو الجرجرائي، وغرضه بسوقه: بيان متابعة جرير بن عبد الحميد لشريك بن عبد الله في رواية هذا الحديث عن الأعمش، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث؛ لما بين الروايتين من المخالفة.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذروني) أي: اتركوني من السؤال والبحث عن القيود في الأحكام المطلقة، أو من السؤال عن الأمور المسكوت عنها (ما تركتكم) ما مصدرية ظرفية؛ أي: اتركوني مدة تركي إياكم عن التكليف بالقيود فيها، أو عن الأمر بالأمور المسكوت عنها، وليس المراد: لا تطلبوا مني العلم ما دام سكوتي إلا أن أبين لكم بنفسي، ويدل على هذا المعنى جوابه من قال له: "هل الحج كل عام؟ ".

ويقال: وذر الشيء يذر وذرًا من باب (وضع) إذا تركه، ولا يستعمل منه بهذا المعنى إلا المضارع والأمر، تقول: ذره؛ أي: دعه واتركه، ويذره؛ أي: يدعه ويتركه، فإذا أريد منه الماضي .. قيل: ترك، أو المصدر .. قيل: الترك، أو اسم الفاعل .. قيل: التارك، أو اسم المفعول .. قيل: المتروك. انتهى م ج.

قال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} (١)، وقال أيضًا: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} (٢).


(١) سورة القلم: (٤٤).
(٢) سورة نوح: (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>