للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا .. مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ".

===

وقال السبكي: الظاهر أن المراد بقوله: "أصحابي" من أسلم قبل الفتح، وأنه خطاب لمن أسلم بعد الفتح، ويرشد إليه قوله صلى الله عليه وسلم: "لو أنفق أحدكم ... " إلى آخره، مع قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ... } الآية (١)؛ لأن في قوله: "لو أنفق أحدكم" إشعارًا بأن المراد بقوله أولًا: "أصحابي" أصحاب مخصوصون، وإلا .. فالخطاب كان للصحابة، وقد قال: لو أن أحدكم أنفق، ومع ذلك فنهي بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه بذلك عن سب من سبقه .. يقتضي زجر من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى.

وغفل من قال: إن الخطاب بذالك لغير الصحابة، وإنما المراد من سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل، تنزيلًا لمن سيوجد منزلة الموجود المقطوع بوقوعه، ووجه التعقب عليه: وقوع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد، وهو من الصحابة الموجودين؛ إذ ذاك بالاتفاق كذا في "الفتح".

(فوالذي) أي: فأقسمت لكم بالإله الذي (نفسي) وروحي (بيده) المقدس؛ (لو أن أحدكم) أيها المتأخرون من الصحابة (أنفق) وصرف في الخيرات (مثل أحد ذهبًا) أي: قدر جبل أحد في العظم من الذهب الذي هو من أنفس الأموال .. (ما أدرك)، وفي رواية البخاري: ما بلغ (مد أحدهم) السابقين منهم؛ أي: ما بلغ أجر ذلك الذهب العظيم القدر أجر مد طعامٍ أنفقه أحد السابقين في الخيرات، بل (ولا نصيفه) أي: بل ولا نصف مد أحدهم، والمد -بضم فتشديد-: مكيال


(١) سورة الحديد: (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>