(وطعام يوم الثاني سنة) وروى أبو داوود هذا الحديث عن رَجُلٍ أَعْوَرَ من ثقيف بلفظ: (الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف) أي: ليس بمنكر، (وطعام يوم الثالث سمعة) بضم السين؛ أي: سمعة ورياء؛ لِيُسْمِعَ الناسَ ويرائيهم. وفي روايةٍ:(أي: سمعة ورياء).
(ومن سَمَّع .. سمَّع الله به) -بتشديد الميم فيهما- أي: مَنْ شَهَر نفسه بكرم أو نحوه فخرًا أو رياءً .. شَهَره الله يوم القيامة بين أهلِ العرصاتِ بأنه مُراءٍ كذَّاب؛ بان أعلم اللهُ الناسَ بريائه وسمعته، وقرَعَ بابَ أسماع خلقه، فيَفْتَضِحَ بين الناس.
قال الطيبي: إذا أحدث الله تعالى لعبدٍ نعمةً .. حق له أن يحدث شكرًا، واستحب ذلك في الثاني؛ جبرأ لما يقع من النقصان في اليوم الأول؛ فإن السنة مكملة للواجب؛ وأما اليوم الثالث .. فليس إلا رياء وسمعةً؛ والمدعو يجب عليه الإجابة في الأول، ويستحب في الثاني، ويكره بل يحرم في الثالث. انتهى، قال القاري: وفيه رد صريح على أصحاب مالك؛ حيث قالوا باستحباب سبعة أيام لذلك. انتهى.
قلت: لعلهم تمسكوا بما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت: (لما تزوج أبي .. دعا الصحابة سبعة أيام، فلما كان يوم الأنصار .. دعا أُبيَّ بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهما، فكان أُبيٌّ صائمًا، فلما طَعِمُوا .. دعا أُبَيٌّ وأَثْنى)، وأخرجه البيهقي من وجه آخر أتمَّ سياقًا منه، وأخرجه عبد الرزاق إلى حفصة فيه ثمانية أيام، ذكره الحافظ في "الفتح".