للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ذلك الولد، وفي رواية مسلم وأبي داوود زيادة: (أبدًا).

قال القاري: فيه إيماء إلى حسن خاتمة الولد؛ ببركة ذكر الله تعالى في ابتداء وقوع نطفته في الرحم، فالضرر مختص بالكفر. انتهى.

قال القاضي عياض: قيل: معنى (لم يضره): لم يتخبطه، وقيل: معناه: لم يطعن في خاصرته عند الولادة الطعنة التي يستهل بها صارخًا، ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة. انتهى.

قال القرطبي: القول بقصره على التخبط والصرع ليس بشيء؛ لأنه تحكم بغير دليل، والقول بقصره على الطعن في الخاصرة فاسد؛ لحديث: "كل مولود يطعن الشيطان خاصرته إلا ابن مريم عليه السلام؛ فإنه جاء يريد أن يطعنه، فطعن في الحجاب" رواه ابن عدي في "الكامل" فإنه يدل على أنه لا ينجو منه إلا عيسى ابن مريم عليه السلام؛ لقول أمها: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (١)، وليس طعنه بمضر؛ لأنه طعن كثيرًا من الأولياء، ولم يضرهم ذلك؛ وإنما مقصود الحديث: أن الولد المقول فيه ذلك لم يضره الشيطان في قلبه ودينه؛ لصلاح أبويه، وبركة اسم الله تعالى، والتعوذ به، والالتجاء إليه، ويقرب هذا من قول أم مريم: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا ... } الآية.

ولا يفهم من الحديث نفي الوسوسة والصرع؛ فقد يكون ذلك كله ولا يضره في عقله ودينه وعاقبة أمره، فلا يكون للشيطان عليه سلطان؛ لأنه يكون من جملة العباد المحفوظين المذكورين في قوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (٢)،


(١) سورة آل عمران: (٣٦).
(٢) سورة الحجر: (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>