منها؛ إما لتصريحها بما تَسْتَحي النساءُ من التصريح به غالبًا، وإما لضعفِ عقلِ النساء؛ لكون الحاملِ لها على ذلك شدةُ بُغْضِها في الزوج الثاني، ومحبتِها في الرجوع إلى الزوج الأول، ويُستفاد منه جوازُ وقوع ذلك. انتهى.
قال القرطبي: وفيه دليل على أن مثل هذا إذا صدر من مُدَّعيتِه .. لا يُنكَر عليها ولا تُوبَّخ بسببه؛ فإنه في معرضِ المطالبة بالحقوق، ويدل على صحته أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لم يُنكره، وإن كان خالدُ بن سعيد بن العاص حين رفعت المرأةُ صوتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما صَرَّحَه مسلم في روايتِه- قد حركه للإنكارِ على المرأة وحضَّه عليه. انتهى من "المفهم".
(فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتريدين) بهمزة الاستفهام الإنكاري؛ أي: أتحبين أيتها المرأة (أن ترجعي إلى رفاعة) القرظي زوجك الأول؟ ! والله إلا) ترجعين إليه (حتى تذوقي عسيلته) أي: عسيلة عبد الرحمن بن الزبير ولذة استمتاعه (ويذوق) عبد الرحمن (عسيلتك) أي: لذة استمتاعك.
والعسيلة -بضم العين وفتح السين المهملتين- تصغير عسليما، وفي العسل لغتان: التأنيث، والتذكير، فأنث العسيلة لذلك؛ لأن المؤنث يرد إليه الهاء عند التصغير؛ كقولهم: شُمَيْسة ويُديَّة في تصغير شمس ويد، وقيل: إنما أنثه؛ لأنه أراد النطفة، وضعفه النووي؛ لأن الإنزال لا يشترط في التحليل، وإنما هي كناية عن الجماع؛ شبه لذته بلذة العسل وحلاوته.
قال الحافظ: واستدل بهذا الحديث على أن المرأة لا حق لها في الجماع؛ لأن هذه المرأة شكَتْ أن زوجها لا يطؤها، وأن ذكرَهُ لا يَنْتَشِرُ، وأنه ليس معه