(قال) ابن عباس: العن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل) -بكسر اللام الأُولى المشددة- من التحليل؛ وهو من تزوج المرأة المطلقة ثلاثًا بقصد الطلاق أو بشرطه؛ لتحل هي لزوجها الأول (والمحلل له) -بفتح اللام الأُولى المشددة- على صيغة اسم المفعول؛ من التحليل أيضًا، والمراد به: الزوج الأول الذي طلقها ثلاثًا.
قال القاضي: المحلل: الذي تزوج مطلقة الغير ثلاثًا على قصد أن يطلقها بعد الوطء؛ ليُحِلَّ للمطلِّق نكاحَها، وكأنه يحلِّلها للزوج الأول بالنكاح والوطء، والمحلَّلُ له: هو الزوج الأول، وإنما لَعَنهما؛ لما في ذلك من هَتْكِ المروءة، وقلةِ الحميَّة، والدلالةِ على خِسَّةِ النفس وسقوطِها؛ أمَّا بالنسبة إلى المحلل له .. فظاهرٌ، وأمَّا بالنسبة إلى المحلل .. فإنه يعير نَفْسَهُ بالوطءِ لغرضِ الغير؛ فإنه إنما يطؤُها ليُعرِّضَها لوطءِ المحلَّل له، ولذلك مثَّلَهُ صلى الله عليه وسلم بالتيسِ المستعارِ. انتهى.
قال الحافظ في "التلخيص": استدلوا بهذا الحديث على بطلان النكاح إذا شرط الزوج الأول أنه إذا أنكحها .. بانت منه، أو أنه شَرَط أنه يُطلِّقها، أو نحوَ ذلك، وحملوا الحديث على ذلك، ولا شك أن إطلاقَه يشملُ هذه الصورة وغيرَها، لكن روى الحاكم والطبراني في "الأوسط" من طريق أبي غسان عن عمر بن نافع عن أبيه قال: جاء رجل إلى ابن عمر، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثًا، فتزوجها أخ له عن غير مُؤامَرةٍ؛ ليُحلَّها لأخيه، هل يَحِلُّ للأول نكاحها؟ قال: لا، إلا بنكاحِ رَغْبةٍ فيها، كنا نَعُدُّ هذا سفاحًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام الحافظ.
قلت: روى الحاكم هذا الحديث في "المستدرك" وصحَّحه؛ كما صرح به