للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كلهن خالفن الصديقة في هذه المسألة، وقلن لها: وما هو؛ أي: وما الشأن داخل علينا أحد بهذه الرضاعة الواقعة في الكبر؛ أي: بعد حولين تقريبًا؛ وما أحد بناظر إلينا بهذه الرضاعة.

قال القرطبي: وهذا؛ أي: كون رضاع الكبير يفيد حرمة الرضاع .. مذهب عائشة ومن وافقها رضي الله تعالى عنها، وأما مذهب سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خلا عائشة .. أن ذلك خاص بسالم، وأن ذلك لا يتعداه؛ لما اقترن بذلك من القرائن التي ذكرناها؛ ولما يعارضه مما يأتي ذكره، وإلى مذهبهن في ذلك صار جمهور السلف والخلف من الفقهاء وغيرهم، وحملوا الحديث على الخصوص، ورأوا أن رضاعة الكبير للأجنبية لا تجوز، وإن وقعت .. لم يلزم بها حكم، لا في النكاح ولا في الحجاب، ما خلا داوود؛ فإنه قال: برفع تحريم الحجاب لا غير؛ تمسكًا بحديث سالم.

وقد استدل للجمهور على الخصوصية بأن ذلك مخالف للقواعد؛ منها: قاعدة الرضاع؛ فإن الله تعالى قد قال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (١)، فهذه أقصى مدة الرضاع المحتاج إليه عادًة المعتبر شرعًا، فما زادَ عليه بمدةٍ مؤثرةٍ غيرُ محتاج إليها عادة .. فلا يعتبر شرعًا؛ لأنه نادر، والنادر لا يحكم له بحكم المعتاد، ومنها: قاعدة تحريم الاطلاع على العورة؛ فإنه لا يُختلف في أن ثدي الحرة عورة، وأنه لا يجوز الاطلاع عليه، لا يقال: يمكن أن يرضع ولا يطلع؛ لأنا نقول: نفس التقام حلمة الثدي بالفم اطلاع، فلا يجوز، ومنها: أنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الرضاعة من المجاعة" كما مر.


(١) سورة البقرة: (٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>