(فشُجَّ) أي: جُرح (في وجهه) وجرى منه الدم، قالت عائشة:(فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميطي) وامسحي وأزيلي (عنه الأذى) أي: الوسخ؛ أي: الدم، قالت عائشة:(فتقذرته) أي: حسبت ذلك الأذى والدم قذرًا، وكرهت إزالته عنه.
(فجعل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يمص عنه) أي: عن أسامة (الدم) بفمه الشريف (ويمجه) أي: يمج ويبصق ذلك الدم على الأرض، وقوله:(عن وجهه) أي: عن وجه أسامة متعلق بيمص؛ ففي الكلام تقديم وتأخير، والأصل: فجعل يمص عن وجهه الدم ويمجه على الأرض.
(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كان أسامة) بن زيد بن حارثة حِبِّي ومولايَ (جاريةً) أي: بنتًا .. (لحلَّيْتُه) أي: لزيَّنْتُه بحُلِي الذهب والفضة (وكسوته) أي: ألبسته بالكسوة الفاخرة الغالية (حتى أنفقه) -بضم الهمزة وتشديد الفاء المكسورة- من نفَّقَ المتاع؛ إذا زينه وجعله رايجًا، وروَّجَه؛ إذا جعله زائدًا على مثله في القيمة؛ أي: حتى أجعله بنتًا فائقةً على أمثالها يتنافس فيها كلّ الناس؛ لحليها وكسوتها؛ كأنه يتعرض لعائشة بأنك إنما أبيت إزالة الأذى عنه؛ لكونه ولدًا ذكرًا، ولو كان بنتًا .. لمَا قذَرْتِهِ وأبيْتِ من إزالة الدم عنه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ لأن رجاله ثقات، وأما سماع البهي من عائشة .. فالمعتبر فيه قول من يثبت سماعه؛