هي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، رضي الله تعالى عنها؛ أي: احتجبي منه احتياطًا؛ لأنه ليس بأخيك شبهًا، وإن كان أخاك شرعًا، فلم ير ذلك الولد سودة قط؛ أي: أبدًا.
قال ابن القيم: وأمره صلى الله عليه وسلم سودة -وهي أخته- بالاحتجاب عنه. . يدل على أصلٍ؛ وهو تبعيض أحكام النسب، فيكون أخاها في التحريم والميراث وغيره، ولا يكون أخاها في المحرمية والخلوة والنظر إليها؛ لمعارضة الشبه للفراش، فأعطى الفراش حكمه؛ من ثبوت الحرمة وغيرها، وأعطى الشبه حكمه؛ من عدم ثبوت المحرمية لسودة.
وهذا بابٌ من دقيق العلم وسره لا يلحظه إلا الأئمة المطلعون على أغواره، المعنيون بالنظر في مأخذ الشرع وأسراره، ومن نبا فهمه عن هذا وغلظ عنه طبعه. . فلينظر إلى الولد من الرضاعة؛ كيف هو ابن في التحريم لا في الميراث، ولا في النفقة، ولا في الولاية، وهذا ينفع في مسألة البنت المخلوقة من ماء الزاني؛ فإنها بنته في تحريم النكاح عليه عند الجمهور، وليست بنته في الميراث، ولا في النفقة، ولا في المحرمية.
وبالجملة: فهذا من أسرار الفقه، ومراعاة الأوصاف التي تترتب عليها الأحكام وترتيب مقتضى كل وصف عليه، ومن تأمل الشريعة. . أطلعته من ذلك على أسرار وحكم تبهر الناظر فيها. انتهى من "شرحه على أبي داوود".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع وغيره من أبواب كثيرة؛ ككتاب الحدود، باب للعاهر الحجر، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الولد للفراش، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب الولد للفراش، والنسائي في كتاب الطلاق، باب إلحاق الولد بالفراش، والدارمي، ومالك، وأحمد.