ودفنهن حيات، جعل العزل بمنزلة الوأد؛ لأن من يعزل عن امرأته إنما يعزل هربًا من الولد، إلا أنه خفي؛ يعني: أن العزل يشبه الوأد؛ وهو دفن البنت حية، وكان بعض العرب يفعله؛ خشية الإملاق، أو خوف العار، ووجه الشبه: تفويت الحياة، والموؤدة المذكورة في القرآن هي البنت المدفونة حية. انتهى.
وفي "المرقاة": شبه صلى الله عليه وسلم إضاعة النطفة التي أعدها الله تعالى ليكون الولد منها بالوأد؛ لأنه يسعى في إبطال ذلك الاستعداد بعزل الماء عن محله. انتهى.
قال الحافظ: واستند ابن حزم في تحريم العزل إلى حديث الباب؛ أي: حديث جدامة بنت وهب، وهذا معارض بحديثين عند النسائي وغيره؛ ففي حديث جابر قال: كانت لنا جواري، وكنا نعزل، فقالت اليهود: إن تلك الموؤدة الصغرى، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:"كذبت اليهود، لو أراد الله خلقه. . لم تستطع رده".
وجمع بينه وبين حديث جدامة: بحمل حديث جدامة على التنزيه، ومنهم من ادعى أنه منسوخ. انتهى "فتح الملهم" باختصار.
قال بعضهم: وهذا التشبيه؛ كقوله:"الرياء الشرك الخفي".
قال السندي: أراد النهي عن ذلك؛ لما اشتهر عند العرب أنه يضر بالولد، ثم رجع عن ذلك حتى تحقق عنده عدم الضرر في بعض الناس؛ كفارس والروم، وهذا يقتضي أنه فُوض إليه في بعض الأمور ضوابطُ، فكان ينظر في الجزئياتِ واندراجِها في الضوابط. انتهى "سندي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب النكاح، باب