واحتج بعض العلماء في ذلك بقول الله سبحانه وتعالى:{وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}(١)، وقال: لو أُطْلِق؛ أي: جوز للناس ذلك .. لعطِّلَتْ الأحكامُ، ولم يؤمن مُطلِّق أو ناكحٌ أو معتِقٌ أن يقول: كنتُ في قولي هازلًا، فيكون في ذلك إبطالُ حكمِ الله تعالى، وذلك غير جائز، فكل من تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث .. لزمه حكمه، ولم يقبل منه أن المُدَّعَى خلافُه، وذلك تأكيد لأمر الفروج واحتياط له، والله أعلم. انتهى، انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطلاق، باب في الطلاق على الهزل، والترمذي في كتاب الطلاق، باب في الجد والهزل في الطلاق، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، والحاكم في "المستدرك" في كتاب الطلاق، قال: هذا حديث صحيح الإسناد، وعبد الرحمن بن حبيب هذا: هو ابن أردك، من ثقات المدنيين، ولم يخرجاه.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال السندي:"وهَزْلُهن جِد" الهزل والجد -بكسر الجيم- ضده، وقد استدل به من يقول بطلاق المكره، ورد: بأن الهازل يتكلم بالطلاق عن قصد واختيار كامل للمتكلم به، وبذلك يقع طلاقه ويلزم حكمه، ولا يلتفت إلى عدم رضاه بحكمه، بخلاف المكره؛ فإنه مُلْجَأ لا اختيار له في التكلم بالطلاق قصدًا،