تعالى:{فَتَعَالَيْنَ} أي: أقبلن بإرادتكن واختياركن لأحد الأمرين، ولم يرد نهوضهن إليه بأنفسهن .. {أُمَتِّعْكُنَّ} أي: أعطكن متعة الطلاق {وَأُسَرِّحْكُنَّ} أي: أطلقكن {سَرَاحًا جَمِيلًا} لا ضرر فيه {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}(١).
وهذا أمر من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الدنيا وزخرفها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن رضا الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خيري الدنيا وسعادة الآخرة.
قالت عائشة:(فقلت) له صلى الله عليه وسلم: أ (في هذا) المذكور من الأمرين من الفراق والمقام معك (أستأمر) وأستشير (أبوي؟ ! ) لا حاجة لي إلى استشارتهما؛ فإني (قد اخترت الله ورسوله) والدار الآخرة؛ تعني: أن الأمر واضح لا حاجة فيه إلى مشاورة الأبوين.
(قالت) عائشة: (ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت) أنا من اختيار الله ورسوله والدار الآخرة.
والحاصل: أن سبب نزول هذه الآية مطالبتهن إياه صلى الله عليه وسلم من زينة الدنيا ما ليس عنده؛ ففي "تفسير البيضاوي": روي أنهن سألنه صلى الله عليه وسلم ثياب الزينة وزيادة النفقة، فنزلت، فبدأ بعائشة فخيرها، فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، ثم اختارت الباقيات اختيارها، فشكر الله