للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا".

===

(وإنما هي) أي: العدة الشرعية؛ أي: عدةُ الوفاة في الشرع كانت (أربعة أشهر وعشرًا) من الليالي على حكاية ما في القرآن، ويجوز الرفع في الجزأين على الخبرية لضمير هي؛ أي: وإنما هي؛ أي: العدة الشرعية أربعة أشهر وعشر ليال، والمراد بذكره تقليل المدة وتمرين الصبر عما منعت منه؛ وهو الاكتحال في العدة، والمعنى: لا تَسْتَكْثِرْ مدتَها وَمَنْعَ الاكتحالَ فيها؛ فإنها مدة قليلة، ولذا قال: (وقد كانت إحداكن في الجاهلية إذا مات عنها زوجها .. تعتد كامل الحول، ثم ترمي بالبعرة على رأس الحول وتمامه) والبعرة -بفتح الموحدة والعين وتسكن-: وهي روث البعير، قال في "القاموس": البعرة: رجيع ذي الخف والظلف، واحدتها بالهاء، والجمع بعار.

وفي ذكر الجاهلية إشارة إلى أن الحكم في الإسلام صار بخلافه في الجاهلية، وهو كذلك بالنسبة لما وصف من الصنيع، لكن التقدير بالحول استمر في الإسلام بنص قوله تعالى: {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} (١)، ثم نسخت بالآية التي قَبْلُ؛ وهي: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (٢)، والناسخ مقدم عليه تلاوةً ومتأخر نزولًا؛ كقوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} (٣) مع قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} (٤). انتهى من "الإرشاد".

قال النووي: وفي الحديث دليل على تحريم الاكتحال على المحدة، سواء احتاجت إليه أم لا، وجاء في الحديث الآخر في "الموطأ" وغيره في حديث أم سلمة: "اجعليه بالليل، وامسحيه بالنهار"، ووجه الجمع بين الأحاديث:


(١) سورة البقرة: (٢٤٠).
(٢) سورة البقرة: (٢٣٤).
(٣) سورة البقرة: (١٤٢).
(٤) سورة البقرة: (١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>