ثم ينسج مصبوغًا، فيخرج مُوشىً، لبقاء ما عصب منه أبيضَ ولم ينصبغ، وإنما يعصب الذي دون اللحمة (ولا تكتحل) إلا لضرورة ليلًا فتمسحه نهارًا (ولا تَطيَّبُ) -بفتح التاء وفتح الياء المشددة- أصله: ولا تتطيب؛ من باب تفعل الخماسي، حذفت إحدى التاءين؛ للتخفيف؛ أي: ولا تتطيب المعتدة لموت زوجها (إلا عِنْدَ أَدْنَى) وأوَّل (طهرها) من الحيض، أي: إلا عندَ أول طهرها، فتطَيَّبُ عند أول طهرها (بِنُبْذَةٍ) أيْ بقطعةٍ (مِن قُسْطٍ أو أَظْفارٍ) فتستعملُها إذا طهرت من حيضها أو نفاسها؛ أي: تبخر بها فَرْجَها لِيزول عنها رائحةُ الدم.
والنُّبْذَةُ -بضم النون وسكون الموحدة وفتح الذال المعجمة-؛ القِطعةُ من الشيء واليسيرُ منه، وأما القُسط والأظفار .. فنوعان من البخور، وليس المقصودُ منه الطيبَ الذي رُخِّص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالةِ الرائحةِ الكريهِة، تُتْبِعُ به أثرَ الدم لا للتطيب، أفاده النووي، وتقدم استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة ممسكة في موضع الدم في بابه، فالمفهوم من المقام: أن استحباب ذلك لغير المحدة، وإنما الجائز لها التبخر بالبخور المذكور، وفي الكلام تقديم وتأخير، والأصل: ولا تتطيب عند أدنى طهرها وأوله إلا بنبذة من قسط أو أظفار، قال القرطبي: وأكثر ما يستعمل القسط والأظفار مع غيرهما فيما يتبخَّرُ به لا بمجردهما. انتهى "مفهم".
والقسط: عرقُ نباتٍ يُتبخَّر به عند مَسِّ الجن، يُسمَّى بالقبروش، والأظفار: نوع من الطيب على شكلِ ظُفْرِ الإنسان.
فإن قلت: ما الحكمة في وجوب الإحداد في عدة الوفاة دون الطلاق؟
فالجواب: أن الزينة والتطيب يستدعيان النكاح، فنهيت عنه؛ زجرًا لها عن