ذلك؛ لأن الميت لا يتمكن عن منع معتدته من النكاح، بخلاف المطلق الحي؛ فإنه يُسْتَغْنَى بوجوده عن زاجر آخر. انتهى من "الإرشاد".
قوله:"ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا" اعلم: أن الثوب إذا كان مصبوغًا بما فيه طيب أو لبسته المرأة للزينة .. فلا خلاف في حرمته على المعتدة إلا الثوب الأسود؛ فإنه يجوز عند الأئمة الأربعة، وأما إذا كان مصبوغًا بما ليس فيه طيب أو لبسته المرأة لغير الزينة؛ مثل أن يكون الثوب خَلِقًا لا رائحة له .. فيجوز، وكذالك إذا لم يكن عندها إلا ثوب مصبوغ؛ فإنه لا بأس به؛ لضرورة ستر العورة، ولكن لا تقصد الزينة؛ كما صرح الحاكم في "الكافي"، وقيده ابن الهمام بقدر ما تَسْتَحْدِثُ ثوبًا غَيْرَه؛ إِمَّا ببيعهِ والاستخلاف بثمنه، أو مِنْ مالها إن كان لها مال.
قوله:"إلا ثوب عصب" قال ابن دقيق العيد في "إحكام الأَحكام"(٤/ ٦٢): العصب: ثياب تجلب من اليمن فيها بياض وسواد، ولعله اسْتُثْنِيَ مِنَ الحرمة؛ لخشونته وسواده؛ فإنه لا تقصد به الزينة.
فأما إن كان مصبوغًا بلون آخر، أو قصد به الزينة .. فلا يجوز، ولذلك ذكر أكثر فقهاء الأحناف كراهة لبس العصب، وكرهه أيضًاا لمالكية والشافعية؛ كما في "شرح الأبي".
فالحاصل: أن الذي أَذِنَ به صلى الله عليه وسلم هو المصبوغُ بالسواد، والذي كرهه الفقهاء ما كان مصبوغًا بغيره، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطلاق، باب القسط للحادة عند الطهر، وفي كتاب الجنائز، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب فيما تجتنبه المعتدة