خرج إلى الشام، ومات بالحوران سنة خمس عشرة (١٥ هـ) كما في "الإصابة".
(استفتى) وسأل (رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه) أي: على أم سعد (توفيت) أي: ماتت (و) الحال أنها (لم تقضه) أي: لم توف ذلك النذر (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لسعد: (اقضه) أي: فاقض ذلك النذر (عنها) أي: عن أمك.
قوله:(في نذر كان على أمه) اختلف العلماء في تعيين هذا النذر: فقيل: كان صومًا، وقيل: كان عتقًا، وقيل: كان نذرًا مطلقًا مبهمًا، وليس عند أحد منهم دليل على قوله وتعيينه، وقد ساق الحافظ في "الفتح"(١١/ ٥٠٧) جميع الأقوال والروايات التي استدلوا بها وتعقب جميعها، ورجح أن النذر كان معينًا لا مبهمًا.
قلت: وقد ذكر ابن الأثير في "جامع الأصول"(١١/ ٥٥٤) رواية عزاها للنسائي، وفيه: أن سعدًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنَّ أُمِّي ماتَتْ وعليها نذر، أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال:"أعتق عن أمك"، فهذه الرواية تفيد أن النذر كان إعتاقًا، والله أعلم.
قوله: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقضه عنها" زاد البخاري في النذور من طريق شعيب: (فكانت سنة بعد) يعني: كان قضاء الوارث ما على المورث طريقة شرعية أعم من أن يكون وجوبًا أو ندبًا، وأن هذه الزيادة مما تفرد بها شعيب من بين تلامذة الزهري، ورجح الحافظ في "الفتح" أنها من كلام الزهري، ويحتمل: أن يكون من شيخه، والله أعلم.
قال القرطبي: وفي الحديث من الفقه: استفتاء الأعلم ما أمكن، وقد اختلف