وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم) أي: أبصر (شيخًا يمشي بين ابنيه) أي: يُهادَى بينهما؛ يتوكأ بعضديه عليهما (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم للابنين: (ما شأن هذا) الشيخ؟ أي: ما باله يهادى بينكما ويعتمد بعضديه عليكما؟ ولم أر من ذكر اسم الشيخ واسم الابنين، وهل هو الشيخ الذي في حديث أنس أم لا؟ والظاهر أنه هو؛ لاتحاد الواقعة؛ وهو في حجة الوداع.
(فقال ابناه): هو؛ أي: مَشْيُهُ بيننَا (نذرٌ) نذَرَه على نفسه (يا رسول الله) فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (اركبِ) الراحلةَ (أيُّها الشيخ؛ فإن الله) سبحانه (غني عنك) أي: عن عبادتك (وعن نذرك) أي: وعن مشيك الذي لا تستطيعه، لا أنَّ أصْلَ النذرِ يَسْقُطُ عنه؛ فإنه قد أمره بالركوب، وخُرِّجَتْ هذه العبارةُ على ما تعارفناه بيننا؛ من أن من استغنى عن شيء .. لم يلتفت إليه ولم يعبأ به، وكيف لا، والله هو الغني الحميد، وكل الموجودات مفتقرة إليه افتقارَ ضعفاءِ العبيد؟ !
وظاهر حديث هذا الشيخ: أنه كان قد عجز عن المشي في الحال وفيما يأتي بعد، ولذلك لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم ما قال لأخت عقبة:"مرها فلتمش ولتركب" فإنها كانت ممن يقدر على بعض المشي، فأمرها أن تركب ما عجزت عنه، وتمشي ما قدرت عليه، وهذا هو المناسب لقواعد الشريعة،