وبشرك وأحببت (أن تطوق) وتلبس في عنقك (بها) أي: بسبب أخذها وقبول هديتها (طوقًا من نار) في الآخرة .. (فاقبلها) أي: فاقبل هدية تلك القوس ممن أهدى لك، وإلا .. فردها على صاحبها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "هدايا العمال سحت".
وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "إن سرك ... " إلى آخره .. دليل لمن يحرم أخذ الأجر على القرآن ويكرهه، وهو مذهب أبي حنيفة، ورخص فيه المتأخرون من أهل مذهبه، كذا قيل، والأقرب أنه هدية وليس بأجرة مشروطة في التعليم، فهو مباح عند الكل، وحرمته لا تستقيم على أي مذهب، ولا يتم قول من يقول: إنه دليل لأبي حنيفة رحمه الله تعالى.
قال السيوطي في "حاشيته": الأولى أن يدعى أن الحديث منسوخ بحديث الرقية الذي قبله، وبحديث: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله تعالى".
وأيضًا في سنده الأسود بن ثعلبة، وهو لا نعرفه، قاله ابن المديني؛ كما في "الميزان" للذهبي. انتهى.
قلت: دعوى النسخ يحتاج إلى علم التاريخ.
وقال في "حاشية أبي داوود": أخذ بظاهره قوم، وتأوله آخرون، وقال: هو معارض بحديث: "زوجتكها على ما معك من القرآن"، وحديث ابن عباس: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله".
وقال البيهقي: رجاله كلهم معروفون إلا الأسود بن ثعلبة؛ فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث، وهو حديث مختلف فيه على عبادة، وحديث ابن عباس وحديث أبي سعيد .. أصح إسنادًا منه. انتهى.
قلت: المشهور عند المعارضة تقدم المحرم، ولعلهم يقولون ذلك عند