(عن أبي مسعود) الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه، اسمه عقبة بن عمرو.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى) وزجر (عن) أكل (ثمن الكلب) مطلقًا؛ أي: معلمةً كانت أم لا، وفي حديث آخر:(وثمن الكلب خبيث)، وهو ظاهر في تحريم بيع الكلاب كلها، ولا شك في تناول هذا العموم لغير المأذون فيه منها؛ لأنها إما مضرة، فيحرم اقتناؤها وبيعها، وإما غير مضرة، فلا منفعة فيها.
وأما المأذون في اتخاذها .. فهل يتناولها عموم هذا النهي أم لا؟ فيه خلاف؛ فذهب الشافعي والأوزاعي وأحمد إلى تناوله لها، فقالوا: إن بيعها محرم، فيفسخ إن وقع ولا قيمة لما يقتل منها، واعتمد الشافعي بأنها نجسة عنده.
ورأى أبو حنيفة أنه لا يتناولها؛ لأن فيها منافع مباحة يجوز اتخاذها لأجلها، فتجوز المعاوضة عليها ويجوز بيعها؛ لأنها غير نجسة عنده.
وجُلُّ مذهب مالك على جوازِ الاتخاذ وكراهيةِ البيع، ولا يفسخ إن وقع، وقد قيل عنه مثلُ قولِ الشافعي، وقال ابن القاسم: يكره للبائع، ويجوز للمشتري؛ للضرورة، وكأن مالكًا رحمه الله تعالى في المشهور عنه لما لم يكن الكلب عنده نجسًا وكان مأذونًا في اتخاذه لمنافعه الجائزة .. كان حكمه عنده حكم جميع المبيعات، لكن نهى الشرع عن بيعه تنزيها؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق.
فإن قيل: سوَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين ثمن الكلب وبين مهر البغي وحلوان الكاهن في النهي عنها، والمهرُ والحلوانُ محرمان بالإجماع، فليكن ثمنُ الكلب كذلك؟