فالجوابُ: إنَّا نقولُ كذلك، لكنه محمول على الكلب الغير المأذون فيه، ولئن سلمنا أنه متناول للكل، لكن هذا النهي ها هنا قصد به القدر المشترك الذي بين التحريم والكراهية؛ إذ كل واحد منهما منهي عنه، ثم تؤخذ خصوصية كل واحد منهما من دليل آخر؛ كما قد اتفق ها هنا؛ فإنه إنما علمنا تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن بالإجماع لا بمجرد النهي، سلمنا ذلك، لكنا لا نسلم أنه يلزم من الاشتراك في مجرد العطف الاشتراك في جميع الوجوه؛ إذ قد يعطف الأمر على النهي، والإيجاب على النفي، وإنما ذلك في محل مخصوص؛ كما بيناه في أصول الفقه. انتهى من "المفهم".
(و) نهى عن (مهر البغي) أي: عن العوض الذي تأخذه على زناها، وسماه مهرًا؛ لأنه معاوضة عن الفرج، والبغي -بفتح الباء وكسر الغين وتشديد الياء- كالقوي: الزانية، والبغي - بسكون الغين -: الزنا، وكذلك البغاء بمعنى الزنا تجمع على البغايا، وأصله: بَغُوي؛ كرَكُوب وحلوب، ومهر البغي: هو ما تأخذه الزانية على زناها من الأجرة، وإطلاق المهر عليه مجاز، وما وقع في بعض الروايات من النهي عن كسب الإماء .. فالمراد منه: هو هذا، والله أعلم. انتهى من "عمدة القاري".
(و) نهى عن (حلوان الكاهن) والحلوان: أجرةُ الكاهن، يقال: حلَوْتُ الكاهنَ حُلْوانًا؛ إذا أعطيتَ أجرتَه، قال الحافظ في "الفتح": أصله: من الحلاوة، شبه بالشيء الحلو من حيث إنه يأخذه سهلًا بلا كلفة ولا مشقة، يقال: حلوته؛ إذا أطعمته الحلو، والحلوان أيضًا: الرشوة، والحلوان أيضًا: أخذ الرجل مهر ابنته لنفسه.
وأما الكاهن .. فكان يطلق عند العرب على كل من يدعي الإخبار عن الغيب،