أصحاب السنن، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"دباغ الإهاب طهوره" رواه أحمد وابن حبان، وغير ذلك، وكلها صحيح. انتهى من "المفهم".
واستدل بهذا الحديث أيضًا على أنه لا يجوز بيع ميتة الآدمي مطلقًا، سواء فيه المسلم والكافر؛ أما المسلم .. فلشرفه وفضله حتى إنه لا يجوز الانتفاع بشيء من شعره وجلده وجميع أجزائه، وأما الكافر .. فلأن نوفل بن عبد الله بن المغيرة لما اقتحم الخندق وقتل، غلب المسلمون على جسده فأراد المشركون أن يشتروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا بجسده ولا بثمنه، فخلى بينه وبينهم، ذكره ابن أبي إسحاق وغيره من أهل السير، رواه ابن أبي شيبة، قال ابن هشام: أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده عشرة آلاف درهم فيما بلغني عن الزهري.
وروى الترمذي من حديث ابن عباس: أن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجل من المشركين، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم، كذا في "عمدة القاري"(٥/ ٦٠٦).
"و" حرم بيع "الخنزير" وهو الحيوان المعروف البري، ولا تعرف العرب في البحر خنزيرًا، وقد سئل مالك عن خنزير الماء، فقال: أنتم تسمونه خنزيرًا؛ أي: لا تسميه العرب بذلك، وقد اتقاه مرةً أخرى على جهة الورع، والله تعالى أعلم.
فأما البري .. فلا خلاف في تحريمه وتحريم بيعه، وأنه لا تعمل فيه الذكاة، ومن هنا قال كافة العلماء: إن جلده لا يطهره الدباغ، وإنما يطهر الدباغ جلد ما تعمل الذكاة في حيه، والحق الشافعي بالخنزير الكلب، فلا يطهر جلده الدباغ عنده.