والجمهور على خلافهما في العظم وما ذكر معه؛ فإنها تحله الحياة، وهو الصحيح؛ فإن العظم والسن يَأْلَمُ وتُحَسُّ به الحرارةُ والبرودةُ، بخلاف الشعر، وهذا معلوم بالضرورة، فأما أطراف القرون والأظلاف وأنياب الفيل .. فاختلف فيها، فهل يلحق حكمها حكم أصولها فتنجس، أو حكمها حكم الشعر؟ على قولين، وأما الريش .. فالشعريُّ منه شعر، وأسفلُه عظم، ومتوسطه هل يلحق بأطرافه أو بأصله فيه؟ قولان لأصحابنا.
وقد قال بنجاسة الشعر الحسن البصري والليث بن سعد والأوزاعي، لكنها
تطهر بالغسل عندهم، فكأنها عندهم نجسة بما يتعلق بها من رطوبات الميتة، وإلى نحو من هذا، ذهب ابن القاسم في أنياب الفيل، فقال: تطهر إن سُلِقَتْ بالماء، وعن الشافعي ثلاث روايات؛ إحداها: أن الشعر ينجس بالموت، والثانية: أنها طاهرة؛ كقولنا، والثالثة: أن شعر ابن آدم وحده طاهر وأن ما عداه نجس. انتهى من "المفهم".
وأما جلود الميتة .. فلا تباع قبل الدباغ ولا ينتفع بها؛ كلحم الميتة، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" رواه أبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وأما بعد الدباغ .. فمشهور مذهب مالك أنها لا تطهر بالدباغ، وإنما ينتفع بها، وهو مذهب جماعة من أهل العلم، وعلى هذا فلا يجوز بيعها ولا الصلاة عليها ولا بها، ولا ينتفع بها إلا في اليابسات دون المائعات إلا في الماء وحده.
وذهب الجمهور من السلف والخلف إلى أنها تطهر طهارةً مطلقةً، وأنه يجوز بيعها والصلاة عليها وبها، وإليه ذهب الشافعي ومالك في رواية ابن وهب، وهو الصحيح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"أيما إهاب دبغ .. فقد طهر" رواه