(عن بيعتين: عن الملامسة والمنابذة) والملامسة: مفاعلة من اللمس؛ من بابي قتل وضرب؛ كما في "المصباح" وهو المس باليد، والمراد: أن يُجعلَ عقدُ البيع لَمْسَ المَبيع، والمنابذة أيضًا مفاعلة من النبذ؛ من باب ضرب؛ وهو الطرح، والمراد: أن يُجعل عقدُ البيع نَبْذَ المبيع، وقد فُسِّرا في حديث أبي سعيد على ما تراه إن شاء الله تعالى.
واعلم: أنه قد اختلف في تفسير الملامسة على ثلاث صور:
إحداها: أن يكتفي باللمس عن النظر ولا خيار له بعده؛ بأن يلمس ثوبًا لم يره لنحو ظلمة، ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه.
الثانية: أن يجعل اللمس بيعًا؛ بأن يقول: إذا لَمَسْتَهُ .. فقد بِعْتُكَه، اكتفاءً بلمسه عن الصيغة.
الثالثة: أن يبيعه شيئًا على أنه متى لمسه .. لزم البيع وانقطع خيارُ المجلس وغيرُه، اكتفاءً بلمسه عن الإلزام بتفرق أو تخاير، وبطلانُ البيع المستفادُ من النهي؛ لعدم رؤية المبيع واشتراطِ نفي الخيار في الأُولى، ونفيِ الصيغة في عقد البيع في الثانية، وشرطِ نفي الخيار في الثالثة. انتهى من "القسطلاني".
والمنابذة: أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر، ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه، والمراد: أن مجرد النبذ يعتبر فيه بيعًا من غير أن يجري بينهما إيجاب وقبول، وقيل: إنه أن يقول لصاحبه: إذا نبذتُه إليك .. انقطع الخيار، ولزم البيع، وذكر الخطابي عن بعضهم أنه نَبْذُ الحجر، فإذا وقع الحجر .. لزم البيع، وهو نظير بيعِ الحصاة، وسيأتي تفسيرهما في حديث أبي سعيد الخدري.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع، باب بيع