للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَجْلَابَ؛ فَمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ شَيْئًا فَاشْتَرَى .. فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إِذَا أَتَى السُّوقَ".

===

التلقي؛ وهو الاستقبال للقادم إلى البلد؛ أي: لا تستقبلوا (الأجلاب) بصيغة الجمع؛ أي: الأمتعة المجلوبة إلى البلد.

قال السندي: الأجلاب جمع جلب؛ أريد بها: الأمتعة المجلوبة التي يأتي بها الركبان إلى البلدة؛ ليبيعوا فيها، وتلقيها: استقبالها قبل دخولها البلدة، وفي استقبالها تضييق على أهل السوق. انتهى.

وفي رواية: "لا تلقوا الركبان" أي: لا تلقوا الركبان أصحاب البضائع؛ وهم قافلة التاجرين الذين يجلبون الأرزاق والمتاجر والبضائع إلى البلدة (فمن تلقى) واستقبل (منه شيئًا) أي: من الجلب، والأوضحُ تعلُّقُ الجار والمجرور بقوله: (فاشترى) أي: فمن تلقى الأجلاب فاشترى شيئًا منها قليلًا كان أو كثيرًا بثمن المثل أو بدونه .. (فصاحبه) أي: فصاحب ذلك الجلب؛ وهو جالبها من الركبان ملتبس (بالخيار) بين إمضاء ذلك البيع وفسخه (إذا أتى السوق) ودخلها فعرف غبن المشتري منه إياه في ذلك الشراء.

قال القرطبي: واختلف في علة النهي عن ذلك: فقيل: ذلك لحق الله تعالى، وعلى هذا فيفسخ البيع أبدًا، وقال به بعض أصحابنا، وهذا إنما يليق بأصول أهل الظاهر، والجمهورُ على أنَّهُ لحقِّ الآدميِّ؛ لِما يدخل عليه من الضرر.

ثم اختلفوا فيمن يرجع إليه هذا الضرر: فقال الشافعي: هو البائع، فيدخل عليه ضرر الغبن، وعلى هذا فلو وقع .. لم يفسخ، ويكون صاحبه بالخيار، وعلى هذا يدل ظاهر الحديث؛ فإنه قال فيه: "فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق".

وقال مالك: بل هم أهل السوق بما يدخل عليهم من غلاء السلع، ومقصود الشرع: الرفق بأهل الحاضرة؛ كما قال: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>