تأكيد لما قبله، والجملة حالية من الضمير في (يفترقا) أي: وقد كانا جميعًا، وهذا كما قال الخطابي: أوضح شيء في ثبوت خيار المجلس، وهو مبطل لكل تأويل مخالف لظاهر الحديث.
وكذا قوله في آخر الحديث:"وإن تفرقا بعد أن تبايعا" فيه البيان الواضح بأن التفرق بالبدن هو القاطع للخيار، ولو كان معناه التفرق بالقول .. لخلا الحديث عن فائدة. انتهى.
وقد حمله ابن عمر راوي الحديث على التفرق بالأبدان؛ كما في بعض رواية مسلم بقوله:(قال نافع: وكان ابن عمر إذا بايع رجلًا فأراد ألا يقيله .. قام فمشى هنيهة، ثم رجع إليه)، وكذا أبو برزة الأسلمي، ولا يعرف لهما مخالف بين الصحابة.
نعم؛ خالف في ذلك إبراهيم النخعي؛ فروى سعيد بن منصور عنه: إذا وجبت الصفقة .. فلا خيار؛ وبذلك قال المالكية إلا ابن حبيب والحنفيَّة كُلُّهم. انتهى من "الإرشاد".
ومعنى هذا الحديث على القول بأن التفرق هو القولي (إذا تبايع الرجلان) أي: قارب عقدهما أو شرع أحدهما في العقد .. (فكل واحد منهما بالخيار) من بيعه؛ أي: من إتمام عقده (ما لم يتفرقا) قولًا بالقبول بعد الإيجاب.
وقوله:(أو يخير أحدهما الآخر) بصيغة المضارع، والنصب بأن مضمرة بعد (أو) التي بمعنى (إلا) أي: إلا أن يخير، أو بمعنى (إلى) أي: إلى أن يخير.
والمعنى: إذا تبايع الرجلان .. فكل واحد منهما محكوم له بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما وكانا مجتمعين، إلا أن يخير أحدهما الآخر؛ بأن قال له: اختر، فاختار، فينقطع الخيار أيضًا وإن كانا مجتمعين، أو المعنى: محكوم