له بالخيار إلا أن يخير أحدهما الآخر فينقطع الخيار وإن لم يتفرقا.
وقال في "الفتح": بالجزم عطفًا على المجزوم السابق؛ وهو قوله: "ما لم يتفرقا" أي: محكوم له بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما، أو ما لم يخير أحدهما الآخر، وبالرفع عطفًا على جواب (إذا) وتكون (أو) للتنويع، والمعنى حينئذ: إذا تبايع الرجلان .. فكل واحد منهما محكوم له بالخيار أو يخير أحدهما الآخر.
(فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا) أي: ألزما عقد البيع (على ذلك) التخاير، قيل: إن قوله: "فتبايعا" معطوف على ما قبله عطف المجمل على المفصل، فلا تغاير بينه وبين ما قبله إلا بالإجمال والتفصيل.
والفاء في قوله:(فقد وجب البيع) لربط الجواب بالشرط وجوبًا؛ لاقترانه بقد، وفيما نقلناه هنا في "الكوكب" نظر؛ أي: فإذا كان التبايع على التخيير .. فقد لزم البيع وانبرم، وبطل خيار المجلس.
والمراد بالتخيير ها هنا: التخاير؛ وهو قول أحدهما للآخر: اختر، وقول الآخر: اخترتُ، وبه يلزم العقد عند الشافعية قبل أن يتفرقا بالأبدان.
(وإن تفرقا) أي: تفرق المتبايعان بأبدانهما (بعد أن تبايعا) أي: عقدا البيع بالإيجاب والقبول (و) الحال أنه (لم يترك) ولم يفسخ (واحد منهما البيع) قبل التفرق .. (فقد وجب البيع) أي: لزم وثبت وتم بعد التفرق، وهذا ظاهر جدًّا في انفساخ البيع بفسخ أحدهما قبل التفرق.
واستدل بهذا الحديث الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى على ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، والمراد من التفرق في الحديث عندهما: التفرق