وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) نهي تحريم (عن بيع الغرر) والغرر: كل ما انطوت عنا عاقبته، قال الشافعي: ومن بيع الغرر: بيع السمك في الماء، وبيع العبد الآبق، وبيع الطير في السماء، ونحو ذلك من البيوع التي فيها غرر.
قال النووي: والنهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع، ويدخل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة؛ كبيع الآبق، والمعدوم، والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وما لم يتم ملك البائع عليه، وبيع السمك في الماء الكثير، واللبن في الضرع، وبيع الحمل في البطن، ونظائر ذلك، وكل هذا بيعه باطل؛ لأنه غرر من غير حاجة، ومعنى الغرر: الخطر، والغرور: الخداع، وضبطه الفقهاء: بأنه كل ما انطوت عنا عاقبته.
واعلم: أن بيع الملامسة، وبيع المنابذة، وبيع حبل الحبلة، وبيع الحصاة، وعسب الفحل، وأشباهها من البيوع التي جاء فيها نصوص خاصة .. هي داخلة في عموم النهي عن بيع الغرر، ولكن أفردت بالذكر والنهي عنها؛ لكونها من بياعات الجاهلية المشهورة. انتهى.
وقد فسره ابن الأثير في "جامع الأصول" بقوله: الغرر: ما له ظاهر تؤثره، وباطن تكرهه؛ فظاهره يغر المشتري، وباطنه مجهول. انتهى.
وقال القرطبي: هو البيع المشتمل على غرر مقصود؛ كبيع الأجنة، وضربة الغائص، والبعير الشارد، وما أشبه ذلك.
فأما الغرر اليسير الذي ليس بمقصود .. فلم يتناوله هذا النهي؛ لإجماع المسلمين على جواز إجارة العبد والدار مشاهرة ومساناةً مع جواز الموت، وهدم