للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيمٌ؛ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيل،

===

(لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة) كلام رضًا (ولا ينظر إليهم) نظر رضًا (ولا يزكيهم) أي: لا يطهرهم من ذنوبهم بالغفران، وهذا كناية عن غضبه عليهم (ولهم عذاب أليم) أي: وَجِعٌ شديدٌ.

أحدهم: (رجل) جالس (على فضل ماء) أي: على ماء فاضل عن حاجتِهِ وكفايتِهِ كائن ذلك الماء (بالفلاة) أي: بالمفازة، والفلاة -بفتح الفاء-: هي المفازة والقفر التي لا أنيس بها (يمنعه) أي: يمنع ذلك الماء (ابن السبيل) وفي رواية مسلم: (من ابن السبيل) بزيادة: (من) أي: من المسافر المار على ذلك الماء؛ أي: يمنع ابن السبيل من شرب ذلك الماء الفاضل عن حاجته.

قال النووي: ولا يشك في غلظ تحريم ما فعل وشدة قبحه، فإذا كان من يمنع فضل الماء الماشية عاصيًا .. فكيف بمن يمنعه الآدمي المحترم؟ ! فإن الكلام فيه، فلو كان ابن السبيل غير محترم؛ كالحربي والمرتد .. لم يجب بذل الماء له. انتهى.

قال القرطبي: قوله: "ورجل على فضل ماء بالفلاة ... " إلي آخره، يعني بفضل الماء: ما فضل عن كفاية السابق للماء وأخذ حاجته منه، فمن كان كذلك، فمنع ما زاد على ذلك .. تعلَّق به هذا الوعيدُ.

وابن السبيل: هو المسافر، والسبيل: الطريق، وسمي المسافر بذلك؛ لأن الطريق تبرزه وتظهره، فكأنها ولدته، وقيل: سمي بذلك؛ لملازمته إياه؛ كما يقال في الغراب: ابن دَأَبة؛ لملازمته دأبة البعير؛ أي: دُبُرَه لينقُرها، والبعير الدَّبَرُ: هو الذي تقرحتْ دأَبَتُه، والدأبة من البعير: هو الموضع الذي تقع عليه ظِلْفةُ الرَّحْل فيَعْقِرَهُ، والفلاة: القفر؛ كما مر آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>