من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وكما حكى الله تعالى أنه يقول للكافرين:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}(١)، وقيل معناه: لا يكلمهم بلا واسطة استهانةً بهم، وقيل: معنى ذلك: الإعراض عنهم والغضب عليهم.
(ولا ينظر إليهم) نظر رحمة ورضًا، بل ينظر إليهم نظر سخط وغضب، ونظر الله تعالى إلي عباده: رحمته لهم، وعطفه عليهم، وإحسانه إليهم، وهذا النظر هو المنفي في هذا الحديث، فمعنى:"لا ينظر إليهم": لا يرحمهم؛ من إطلاق السبب وإرادة المسبب، وإلا .. فالله تعالى يرى كل موجود في الدنيا والآخرة، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
(ولا يزكيهم) أي: لا يطهرهم من ذنوبهم؛ لعظم جرمهم، وقيل: لا يثني عليهم، ومن لا يثني عليه سبحانه .. يعذبه (ولهم) أي: ولأولئك الثلاثة (عذاب أليم) أي: شديد الألم الموجع؛ أي: لهم عذاب أليم مؤبد لا ينقطع على كفرهم إن استحلوا ذلك، فلا إيمان لهم، أو: عذاب شديد على جرمهم؛ مجازاة عليه إن لم يستحلوا ذلك، فإيمانهم باقي صحيح، وقيل: معنى (أليم): مؤلم، قال الواحدي: هو العذاب الذي يخلص ألمه إلى قلوبهم.
والعذاب لغةً: كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه، قال: وأصل العذاب في لغة العرب؛ من العذب؛ وهو المنع، يقال: عذبته عذبًا؛ إذا منعته، وعذب عذوبًا؛ أي: امتنع، وسمي الماء عذبًا؛ لأنه يمنع العطش، فسمي العذاب عذابًا؛ لأنه يمنع المعاقب من معاودته مثل جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله، والله أعلم. انتهى "نووي".