للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ قَالَ: "الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ،

===

قال أبو ذر: (فقلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هم) أي: من هؤلاء الذين وصفتهم بما ذكر (يا رسول الله؛ فـ) إنهم (قد خابوا) أي: خاب هؤلاء الثلاثة وحرموا عن نيل المقاصد التي هي رضا الله تعالى وإحسانه ورحمته (وخسروا) في صفقتهم بطردهم عن رحمته تعالى واستحقاقهم لعذابه؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أحدهم: (المسبل) أي: المرخي (إزاره) أي: الجار طرفه على الأرض خيلاء؛ أي: كبرًا وعجبًا؛ كما في الحديث الآخر: (لا ينظر الله عز وجل إلى الذي يجر إزاره خيلاء)، والخيلاء: الكبير، والإزار: ما يتحزم به.

وكانت العرب لا تعرف السراويلات، وإنما تعرف الأزر؛ لأنه لباس أبيهم إسماعيل، ذكر ابن عبد ربه أن أعرابيًا وجد سراويل، فأخرج يديه من ساقيه، وجعل يلتمس من يخرج رأسه، فلم يجد، فرمى به، وقال: إنه لقميص شيطان.

وخص الإزار بالذكر؛ لأنه أكثر لباس العرب، ويشهد لذلك قوله في الآخر: "من جر ثوبه"، فعم جميع ما يلبس، فحكم الإزار والرداء والثوب في ذلك سواء، وقد روى أبو داوود من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة؛ فمن جر شيئًا منها خيلاء .. لم ينظر الله إليه يوم القيامة" رواه أبو داوود (٤٠٩٤)، وفي طريق أخرى قال ابن عمر: ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار .. فهو في القميص. رواه أبو داوود (٤٠٩٥).

قال القرطبي رحمه الله تعالى: وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحد الأحسن والجائز في الإزار الذي لا يجوز تعديه، فقال فيما رواه أبو داوود والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري: "أزرة المؤمن إلي أنصاف ساقيه، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>