وإذا كان التذكير بالنعمة يستلزم البخل .. فكيف بالمن الذي هو أخص منه؟ ! وإنما كان أخص منه؛ لأنه تقرير بالنعمة على من أسديت إليه، والمعنى الأول أظهر؛ لقوله: "لا يعطي شيئًا إلا منَّه".
(و) ثالثهم: (المنفق) أي: المروج (سلعته) المعروضة للبيع (بالحلف الكاذب) أي: باليمين الفاجرة، فهو بمعنى الرواية الأخرى: "بالحلف الفاجر"، ويقال: "الحلف" بكسر اللام وإسكانها مع الحاء المهملة.
قال القرطبي: قوله: "والمنفق سلعته بالحلف الكاذب" الرواية في (المنفق) بفتح النون وكسر الفاء المشددة، وهو مضاعف نفَقَ البيعُ يَنْفُق نَفاقًا؛ إذا خرج ونفَدَ، وهو ضد كسد، غير أن نفَقَ المخفف لازم، فإذا شدد .. عُدِّي إلى المفعول، ومفعوله هنا:(سلعتَه)، وقد وصف (الحلف) وهي مؤنثة بالكاذب وهو وصف مذكر، وكأنه ذهب بالحلف مذهب القول، فذكَره، أو مذهب المصدر، وهو مثل قولهم: أتاني كتابه فمزقتها، ذهب بالكتاب مذهب الصحيفة، والله تعالى أعلم. انتهى منه.
وممن ذكر الإسكان: ابن السكيت في أول كتابه "إصلاح المنطق". انتهى "نووي".
وقال القاضي: وقد جمعت هذه اليمين الكذب والغرور؛ أي: غروره إياه بيمينه وأخذ مال الغير بغير حق، والاستخفاف بحق الله تعالى، فعلى القول في حد الكبيرة: إنه ما توعد عليها، تكون تلك الثلاث كبائر؛ لترتيبه الوعيد عليها إن لم يستحلها، وإلا .. فقد أخرجته من الملة وسلبته الإيمان.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، وأبو داوود في كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال