(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه) أي: صلاحيته للأكل.
قوله:"حتى يبدو صلاحه" أي: للانتفاع به ونضجه باصفراره فيما يصفر، واحمراره فيما يحمر، ولينه فيما يلين، وتموهه فيما يتموه؛ كما سيأتي اختلاف العلماء في تفصيله وتفسيره.
قال القرطبي: وهل هذا النهي محمول على ظاهره من التحريم؛ وهو مذهب الجمهور، أو على الكراهة؛ وهو مذهب أبي حنيفة؟ وعليه فلو وقع بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها .. فسخه الجمهور، وصححه أبو حنيفة إذا ظهرت، وبناه على أصله في رد أخبار الآحاد للقياس.
والصحيح مذهب الجمهور؛ للتمسك بظاهر النهي، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"أرأيت إن منع الله الثمرةَ، بم يأكل أحدكم مال أخيه بغير حق؟ ! "، ولأنه غرر، وبيع الغرر محرم. انتهى منه.
قال القسطلاني: وبدو الصلاح في الأشياء: صيرورتها إلى الصفة التي تطلب فيها غالبًا؛ ففي الثمار: ظهور أول الحلاوة، ففي غير المتلون: بأن يتموه ويلين، وفي المتلونِ: بانقلابِ اللون؛ كأن احمر أو اصفر أو اسود، وفي نحو القثاء: بأن يجنى مثله غالبًا للأكل، وفي الحبوب: باشتدادها، وفي ورق التوت: بتناهيه. انتهى من "الإرشاد".
قوله:"حتى يبدو" يقال: بدا يبدو بدوًا -بفتح الباء وسكون الدال وتخفيف الواو- وبدوًا -بضم الباء والدال وتشديد الواو- كلاهما مصدر بمعنى الظهور؛ كما في "تاج العروس"، وصلاح الشيء: ضد فساده.