وفي الحديث دليل: على أن البر والشعير جنسان؟ كما عليه الجمهور، لا جنس واحد؛ كما عليه مالك.
قوله:(وعن بيع الورق بالورق، والذهب بالذهب) هذا إذا كانت خالصة؛ فإن التفاضل في مبادلتها بجنسها عين الربا، أما الدراهم والدنانير المغشوشة .. فقد ذكر فقهاء الأمصار أن الغش إن كا مغلوبًا .. فلا عبرة به، فيحرم التفاضل فيه؛ كما في الذهب والفضة الخالصين؛ لأنها لا تخلو عن قليل غش عادة؛ لأنها لا تنطبع إلا مع الغش، وقد يكون الغش خلقيًا؛ كما في الرديء منها، فيُلحق بها القليلُ بالرداءة، فيكون الجيد والرديء سواء.
وأما إذا كان الغالب عليها الغش .. فليس في حكم الدراهم والدنانير الخالصة؛ فإن بيعت بجنسها متفاضلًا .. جاز عند الأحناف؛ صرفًا للجنس إلى خلاف الجنس، فهي في حكم شيئين مختلفي الجنس؛ كفضة وصفر، ولكنه صرف حتى يشترط القبض في المجلس، لوجود الفضة من الجانبين، فإذا شرط القبض في الفضة .. يشترط في الصفر؛ لأنه لا يتميز منه إلا بالضرر. انتهى من "التكملة".
وأما الشافعية .. فالعلة عندهم جوهرية الثمن، فيختص الربا بالذهب والفضة، فليست الفلوس في حكمهما؛ فقد صرح علماؤهم بأنه لا ربا في الفلوس، وإن راجت رواج النقود، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلًا؛ كما في "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٤١٨) و" تحفة المحتاج" لابن حجر المكي مع "حاشيته للشرواني"(٤/ ٢٧٩).
وأما المالكية .. فيعتبرون الفلوس كالدراهم والدنانير سواء بسواء مهما كانت مادتها واحدة حتى لو راجت فلوس الجلد .. كان لها حكم الذهب والفضة.