عليهم، وأنه إنما يحكم بين الناس بالظاهر، ولا يتولى السرائر، فيحكم بالبينة وباليمين، ونحو ذلك من أحكام الظاهر، مع إمكان كونه في الباطن خلاف ذلك، ولو شاء الله .. لأطلعه على باطن أمر الخصمين، فحكم بيقين نفسه من غير حاجة إلى شهادة أو يمين، لكن لما أمر الله تعالى أمته باتباعه والاقتداء به في أقواله وأفعاله وأحكامه .. أجرى له حكمهم في عدم الاطلاع على باطن الأمور؛ ليكون حكم الأمة في ذلك حكمه، فأجرى الله تعالى أحكامه على الظاهر الذي يستوي فيه هو وغيره؛ ليصح الاقتداء به. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".
(ولعل بعضكم) أيها الناس (أن يكون ألحن) وأفصح وأبين (بحجته) ودعواه (من بعض) آخر؛ أي: من غيره، وفي رواية للبخاري ومسلم:(أن يكون أبلغ من بعض).
قال الحافظ: ألحن بمعنى أبلغ؛ لأنه من لحن؛ كفطن؛ من باب طرب وزنًا ومعنىً، والمراد: أنه إذا كان أفطن .. كان قادرًا على أن يكون أبلغ في حجته من الآخر. انتهى، قال السندي: وأن في قوله: "أن يكون" زائدة، دخلت في خبر لعل؛ تشبيهًا لها بعسى.
وقوله:"ألحن" أي: أفطن وأعرف بها، أو أقدر على بيان مقصوده وأبين كلامًا. انتهى منه.
قال في "النيل": ويجوز أن يكون معناه: أفصح تعبيرًا عنها، وأظهر احتجاجًا حتى يخيل أنه محق، وهو في الحقيقة مبطل، والأظهر: أن معناه: أبلغ؛ كما وقع في رواية في "الصحيحين" أي: أحسن إيرادًا للكلام. انتهى.