(أنه) أي: أن أبا هريرة (ذكر أن رجلين) لم أر من ذكر اسمهما (ادعيا دابة) في يد ثالث؛ أي: ادعى كل منهما أنها له (و) الحال أنه (لم يكن بينهما بينة) أي: والحال أنه لم يكن لكل منهما بينة على أنها له (فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يستهما) أي: أن يقترعا (على اليمين) أي: على يمين ذي اليد؛ أي: على تعيين من يبدأ صاحب اليد باليمين له منهما على أنها له أو ليست له. انتهى "سندي" بتصرف.
قال الخطابي: معنى الاستهام ها هنا: الاقتراع؛ يريد أنهما يقترعان، فأيهما خرجت له .. حلف وأخذ ما ادعاه.
وروي عن علي رضي الله تعالى عنه ما يشبه هذا، قال حنش بن المعتمر: أتي علي رضي الله عنه ببغل وجد في السوق يباع، فقال رجل: هذا بغلي لم أبع ولم أهب، وأشهد على ما قال بخمسة يشهدون له، قال وجاء رجل آخر يدعيه، يزعم أنه بغله، وجاء بشاهدين، فقال علي رضي الله تعالى عنه: إن فيه قضاءً وصلحًا، وسوف أبين لكم ذلك كله، أما صلحه .. فأن يباع البغل فيقسم ثمنه على سبعة أسهم، لهذا خمسة أسهم، ولهذا سهمان، وإن لم يصطلحا إلا القضاء .. فإنه يحلف أحدهما أنه بغله ما باعه ولا وهبه، فإن تَشَاحَحْتُما فأيكما يحلف .. أقرعت بينكما على الحلف، فأيكما قرع .. حلف، قال حنش: فقضى علي بهذا وأنا شاهد. انتهى، انتهى من "العون".
قال الكرماني: وإنما يفعل الاستهام والاقتراع إذا تساوت درجاتهم في أسباب الاستحقاق؛ مثل أن يكون الشيء في يد اثنين كل منهما يدعي كله،