"مثل الذي يعتق عند الموت؛ كمثل الذي يهدي إذا شبع" وإسناده حسن.
قال القرطبي: قوله: (وقال له قولًا شديدًا) أي: غلظ له بالقول والذم والوعيد؛ لأنه أخرج كل ماله عن الورثة، ومنعهم حقوقهم منه، ففيه دليل على أن المريض محجور عليه في ماله، وأن المدبر والوصايا إنما تخرج من الثلث، والوصية إذا منع من تنفيذها على وجهها مانع شرعي .. استحالت إلى الثلث؛ كما يقوله مالك. انتهى من "المفهم".
وهذا الحديث نص في صحة اعتبار القرعة شرعًا، وهو حجة للجمهور مالك والشافعي وأحمد وإسحاق على أبي حنيفة؛ حيث قال: إنه يعتق من كل واحد منهم ثلثه ولا يقرع، وهذا مخالف لنص الحديث، ولَا اعْتِبارَ لَهُ.
قال السندي: قوله: (فجزأهم) - بتشديد الزاي وتخفيفها وفي آخره همزة - أي: فرقهم أجزاءً ثلاثةً، وهذا مبني على تساوي قيمتهم، وقد استبعد وقوع مثل ذلك من لا يقول به؛ بأنه كيف يكون رجل له ستة عبيد من غير بيت ولا مال ولا طعام ولا قليل ولا كثير، وأيضًا كيف تكون الستة متساوية في القيمة؟ !
قلت: يمكن أن يكون فقيرًا حصل له العبيد في الغنيمة، ومات بعد ذلك عن قريب، وأيضًا يجوز أنه ما بقي بعد الفراغ من تجهيزه وتكفينه وقضاء ديونه إلا ذاك، وأما تساوي كثير في القيمة .. فغير عزيز.
وبالجملة: إن الخبر إذا صح .. لا يترك العمل به بمثل تلك الاستبعادات. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الأيمان، باب من أعتق شركًا له في عبد، وأبو داوود في كتاب العتق، باب فيمن أعتق عبيدًا له، والنسائي في كتاب الجنائز، باب الصلاة على من يحيف في وصيته،