(فجزأهم) - بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان فيه - أي: قسمهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أثلاثًا أي: ثلاثة أجزاء؛ أي: قسمهم ثلاثة أقسام؛ اثنين في كل قسم (فأعتق اثنين) منهم؛ أي: نفذ عتق اثنين خرجا في القرعة (وأرق أربعة) منهم؛ أي: أبقى الأربعة التي لم تخرج لهم القرعة على الرق؛ لكون الإعتاق في مرض الموت في حكم الوصية، والوصية إنما تنفذ من الثلث.
ولفظ رواية مسلم:(فجزأهم أثلاثًا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولًا شديدًا) أي: في حق ذلك الرجل الذي أعتق جميع ماله قولًا شديدًا؛ كراهيةً لفعله وتغليظًا عليه؛ لعتقه العَبِيدَ كُلَّهم، ولا مال له سواهم، وعدم رعاية جانب الورثة، ولذا أنفذه من الثلث؛ مراعاةً لجانبهم، وبهذه الزيادة التي زادها مسلم حصلت موافقة الحديث للترجمة، بخلاف رواية ابن ماجه؛ فإنه لم يصرح بالإقراع.
ودل الحديث على أن الإعتاق في مرض الموت ينفذ من الثلث؛ لتعلق حق الورثة بماله؛ كما هو المبين في كتب الفروع.
والمعنى: أنكر على هذا المعتق إنكارًا شديدًا، وقد ورد تفسير هذا الإنكار في روايات أخرى؛ فورد في رواية للنسائي:(وقال: لقد هممت ألا أُصلِّي عليه)، وفي رواية لأبي داوود:(قال: لو شهدته قبل أن يدفن .. لم يقبر في مقابر المسلمين)، وذلك محمول على التغليظ والتنكيل؛ ليعتبر بذلك غيره.
ووجه الإنكار عليه: أن الإعتاق في مرض الموت بعد ألا يكون للإنسان مالٌ .. إضرارٌ للورثة، وليس ذلك من البر؛ لأنه لو أراد البر .. لأعتقهم في صحته، وقد أخرج عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله: