وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وآخرين، وهي أصح الروايتين عن مالك.
وقال البغداديون من المالكية: للمغبون الخيار لهذا الحديث، بشرط أن يبلغ الغبن ثلث القيمة، فإن كان دونه .. فلا.
والصحيح الأول؛ لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت له الخيار، وإنما قال له:"قل: لا خلابة"، ولا يلزم من هذا ثبوت الخيار، ولأنه لو ثبت أو أثبت له الخيار .. كانت قضية عين لا عموم لها، فلا ينفذ منه إلى غيره إلا بدليل. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".
وقال التوربشتي: لقنه النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول؛ يعني قوله:"لا خلابة" ليتلفظ به عند البيع؛ ليطلع به صاحبه على أنه ليس من أهل البصائر في معرفة السلع ومقادير القيمة؛ ليرى له كما يرى لنفسه، وكان الناس في ذلك العهدِ أَحِقَّاءَ لا يغبنون أخاهم المسلمَ، وكانوا ينظرون له كما ينظرون لأنفسهم. انتهى.
واستعماله في الشرع عبارة عن اشتراط خيار الثلاث، وقد زاد بعضهم في هذا الحديث بإسناد حسن:(ثم أنتَ بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال).
واستدل به أحمد؛ لأنه يَرُدُّ بالغبنِ الفاحشِ لمن لم يعرف قيمةَ السلعة، وحدَّهُ بعضُ الحنابلة بثُلُث القيمة، وقيل: بسُدسها.
وأجاب الشافعية والحنفية والجمهور بأنها واقعة عين وحكاية حالة، فلا يصح دعوى العموم عند أحد، كذا في "إرشاد الساري".
قال في "النيل": قوله: "ولا خلابة" اختلف العلماء في هذا الشرط هل كان خاصًّا بهذا الرجل أم كان يدخل فيه جميع من شرط هذا الشرط، ويثبتون الرد بالغبن لمن لم يعرف قيمة السلع؟