وقال أيضًا قوله:(وعليه دين) يعم الديون كلها، ولو افترق الحال والحكم .. لتعين التنويع أو السؤال، ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم تبرع بالتزام ذلك على مقتضى كرم أخلاقه، لا أنه أمر واجب عليه.
وقال بعض أهل العلم: بل يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه قد صرح بوجوب ذلك عليه؛ حيث قال:"فعلي قضاؤه"، ولأن الميت الذي عليه الدين يخاف أن يعذب في قبره على ذلك الدين؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث دعي ليصلي على ميت، فأخبر أن عليه دينًا ولم يترك وفاءً، فقال:"صلوا على صاحبكم"، فقال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله، وعلي دينه، فصلى عليه، ثم قال له:"قم فأده عنه"، فلما أدى عنه .. قال صلى الله عليه وسلم:"الآن حين بردت عليه جلدته" رواه أحمد (٣/ ٢٣٠) والبيهقي والحاكم.
وكما كان على الإمام أن يسد رمقه ويراعي مصلحته الدنيوية، كان أحرى وأولى أن يسعى فيما يرفع عنه به العذاب الأخروي. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من ترك مالًا .. فلأهله"، ومسلم في كتاب الفرائض، باب من ترك مالًا، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على المديون، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الصلاة على من عليه دين.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.