على ميت عليه دين لا وفاء له (فلما فتح الله) عز وجل (على رسوله صلى الله عليه وسلم الفتوح) والغنائم .. (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى بالمؤمنين) وأحق بهم؛ أي: برعاية مصالحهم في الدين والدنيا والآخرة (من أنفسهم) وأعلم بمضارهم ومنافعهم (فمن توفي) بالبناء للمجهول؛ أي: مات منهم (وعليه دين) سواء كان لله أو لآدمي .. (فعلي قضاؤه) أي: أداء ذلك الدين عنه، وكان ذلك من خالص ماله، وقيل: من بيت المال، قاله الكرماني (ومن ترك مالًا) قليلًا كان أو كثيرًا .. (فهو) أي: فذلك المال مقسوم الورثته) لا حظ لي فيه.
قال القرطبي: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الميت: هل عليه دين أو لا، وامتناعه من الصلاة على من مات وعليه دين ولم يترك وفاءً .. إشعار بصعوبة أمر الدين، وأنه لا ينبغي أن يتحمله الإنسان إلا من ضرورة، وأنه إذا أخذه .. فلا ينبغي أن يتراخى في أدائه إذا تمكن منه، لما قدمناه من أن الدين شين، والدين هم بالليل ومذلةٌ بالنهار، وإخافةٌ للنفوس، بل وإرقاق لها، وكان هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ليرتدعَ مَن يتساهل في أخذ الدين، حتى لا تَتَشوَّشَ أوقاتهم عند المطالبة، وكان هذا كله في أول الإسلام، وقد حكي أن الحرَّ كان يباع في الدين في ذلك الوقت؛ كما رواه البزار من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: سُرَّقُ، ثم نسخ ذلك كله بقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}(١). انتهى من "المفهم".