للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَارْقُدُوا؛ فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ وَمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ كُلَّ مَكَانٍ، وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَرَقَدَ

===

على قراءته مع العمل بمقتضاه، يدلُّ عليه التعليل بقوله: "فإن مثل القرآن".

وقوله: (وارقدوا) أي: ناموا بعض لياليكم ولا تسهروا طول الليل، ذكره للتنبيه على أن قارئ القرآن لا يمنع من النوم ولا يعاقب عليه إذا كان مع أداء حق القرآن، وإنما يعاقب عليه إذا لزم عليه عدم أداء حق القرآن.

وقوله: (فإن مثل القرآن) تعليل للأمر بتعلمه وقراءته؛ أي: وإنما أمرتكم بهما؛ لأن صفة القرآن (و) صفة (من تعلمه فقام به) أي: تشمر لأداء حقه قراءةً وعملًا (كمثل جراب) - بكسر الجيم -: وعاء معروف متخذ لنحو مسك، وفي "الصحاح": والعامة تفتحها، وفي "القاموس": ولا يفتح، أو هي لغية، وفي القسط: من باب اللطف قول من قال: لا تكسر القصعة ولا تفتح الجراب، وخص الجراب هنا بالذكر احترامًا؛ لأنه من أوعية المسك.

وقوله: (محشو) - بتشديد الواو على وزن مدعو - بالجر صفة لجراب، أي: مملوء ملأً شديدًا بأن حشي به حتى لَمْ يبق فيه متسع لغيره (مسكًا) بالنصب على التمييز (يفوح ريحه) أي: يظهر ويعبق ريحه في (كلّ مكان) وتصل رائحته إلى من له شم، قال ابن الملك: يعني: صدر القارئ كجراب، والقرآن فيه كالمسك؛ فإنه إذا قرأ .. وصلت بركته إلى تاليه وسامعيه. انتهى.

قال القاري: ولعل إطلاق المكان للمبالغة، ونظيره قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} (١)، {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (٢)، مع أن التدمير والإيتاء خاص.

(ومثل من تعلمه) بالرفع والنصب؛ أي: مثل من تعلم القرآن (فرقد) أي:


(١) سورة الأحقاف: (٢٥).
(٢) سورة النمل: (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>