لحياته، بشرط ألا يزيد قدر ذلك أو قيمته على قدر علفه، وهي من جملة مسائل الظفر، كذا أفاد الحافظ في "فتح الباري".
قلت: حمل الحديث على ما إذا امتنع الراهن من الإنفاق على المرهون خلاف الظاهر.
وقال في "سبل السلام": إنه تقييد للحديث بما لم يقيد به الشارع، وأما قول ابن عبد البر: يدل على نسخه حديث ابن عمر: "لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه" .. ففيه ما قال الحافظ في جواب الطحاوي؛ من أن النسخ لا يثبت بالاحتمال، والتاريخ في هذا متعذر، والجمع بين الحديثين ممكن.
وقال في "السبل": أما النسخ .. فلا بد له من معرفة التاريخ، على أنه لا يحمل عليه إلا إذا تعذر، ولا تعذر هنا؛ إذ يخص عموم النهي بالمرهونة. انتهى.
وأما قوله: بأن الحديث يرده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة .. ففيه أن هذا الحديث أيضًا أصل من أصول الشريعة، والجمع بين هذا الأصل وتلك الأصول المجمع عليه وتلك الآثار الثابتة التي أشار إليها .. ممكن.
وأما قول الجمهور: إن الحديث ورد على خلاف القياس ... إلى آخره .. ففيه ما قال الحافظ ابن القيم في "إعلام الموقعين": ومن ذلك قول بعضهم: إن الحديث الصحيح؛ وهو قوله:"الرهن مركوب ومحلوب، وعلى الذي يركب ويحلب النفقة" .. على خلاف القياس، فإنه جوز لغير المالك أن يركب الدابة ويحلبها، وضمنه ذلك بالنفقة .. فهو مخالف للقياس من وجهين، والصواب ما دل عليه الحديث، وقواعد الشريعة وأصولها لا تقتضي سواه؛ فإن الرهن إذا كان حيوانًا .. فهو محترم في نفسه بحق الله سبحانه، وكذالك فيه حق الملك، وللمرتهن حق الوثيقة.