للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا؟ ! مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ؛ تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا"،

===

والوجنة - بفتح الواو وقد تكسر وتضم وسكون الجيم -: ما ارتفع من الخدين؛ كأنه صلى الله عليه وسلم كره السؤال عن أخذها مع عدم ظهور الحاجة إليه، ومال الغير لا يباح أخذه إلا لحاجة، قيل: وكان كذلك إلى زمن عمر، وظهرت الحاجة إلى حفظها بعد ذلك؛ لكثرة السراق والخائنين، فالأخذ والحفظ بعد ذلك أحوط. انتهى "سندي".

(وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل: (ما لك) علقة بها؛ لأنها ليست مالك (و) ما (لها) حاجة إليك؛ لأنها مستغنية عنك؟ ! وهذا منع له من أخذها لقلة حاجتها إلى الصيانة؛ لأنها تقوى على منع نفسها من المهالك؛ ففي كرشها رطوبة تغنيها أيامًا عن الشراب، وهذا معنى قوله: "معها سقاؤها" أي: قربتها تحمل فيها الماء (معها الحذاء) - بكسر الحاء وبذال معجمة - أي: الخف، فتقتدر به على السير وقطع المسافة البعيدة.

(والسقاء) - بكسر السين - أراد به الجوف؛ أي: حيث وردت الماء شربت ما يكفيها حتى ترد ماءً آخر (ترد الماء) بخفها وحذائها (وتأكل الشجر) المرتفع لطول عنقها، أشار بذلك إلى استغنائها عن الحفظ لها بما ركب في طباعها من الجلادة على العطش وتناول المأكول بغير تعب؛ لطول عنقها، فلا تخاف من السباع ولا تحتاج إلى ملتقط.

وقوله: (حتى يلقاها ربها) أي: صاحبها، غاية لمحذوف؛ تقديره: دعها واتركها حتى يلقاها صاحبها فيأخذها، وفي الحديث دليل صريح لمذهب الأئمة الحجازيين في أن الأفضل في البعير والبقر والفرس ألا يأخذها، بل يتركها حتى يلقاها ربها.

<<  <  ج: ص:  >  >>